"مجلس حقوق الإنسان" يناقش سبل حماية كبار السن حول العالم
في إطار دورته الـ52
بحث المجلس الدولي لحقوق الإنسان، إمكانية سد الثغرات في القانون الدولي بشأن حماية حقوق الإنسان لكبار السن في العالم.
جاء ذلك في إطار انعقاد الدورة الـ52 لمجلس حقوق الإنسان الأممي بجنيف خلال الفترة من 27 فبراير حتى 4 إبريل 2023، للاستعراض الدوري الشامل، بهدف توفير مساعدة تقنية للدول، وتوطيد قدرتها على معالجة تحديات حقوق الإنسان لديها.
وناقش تقرير أممي حشد تأييد دولي واسع لأصحاب المصلحة بشأن سد الثغرات التي تشوب حماية حقوق الإنسان وتؤثر سلباً على حياة كبار السن.
واستعرض التقرير ما أُحرز من تقدم وما بقي من تحديات لأجل التعجيل بالجهود المبذولة، في سبيل سد الثغرات في النظام القائم لحماية حقوق الإنسان لكبار السن.
بدورها، قالت المفوضية السامية لحقوق الإنسان، إن السن في حد ذاته لا يجعل الأفراد في حالة ضعف أشد، إلا أن من شأن عدة عوامل بدنية وسياسية واقتصادية واجتماعية أن تجعلهم أضعف حالاً.
ففي جميع مناحي الحياة اليومية لا يزال كبار السن يتعرضون للتمييز القائم على السن والتمييز على أساس السن أو التمييز لأسباب أخرى، من قبيل نوع الجنس أو الإعاقة أو المركز من حيث الهجرة أو الحالة الاقتصادية.
ونوه تقرير المفوضية السامية للآثار السلبية التي خلفها وباء فيروس كورونا على كبار السن، التي يأتي أبرزها العزلة الجسدية والاجتماعية والحصول المحدود على المعلومات وآثار أشكال السلوك المسيئة لكبار السن التي تضر بحقهم في الصحة والحماية الاجتماعية، وغيرها من حقوق الإنسان.
واعتبر رئيس مجلس حقوق الإنسان فيديريكو فيجياس، أن وباء كورونا أوضح قصور الحماية المتوفرة لتمتع كبار السن بحقوق الإنسان.
وقالت الخبيرة المستقلة المعنية بتمتع كبار السن بجميع حقوق الإنسان كلوديا مالر، إن المناقشة العالمية التي تناولت الثغرات في الحماية والحلول المتعلقة بها كانت مستفيضة.
فالعديد من التقارير ومن ضمنها تحديث دراسة النتائج التحليلية لعام 2012 بشأن القواعد المعيارية في القانون الدولي لحقوق الإنسان، فيما يتعلق بكبار السن الذي تقدمت به مفوضية حقوق الإنسان في عام 2021 وتقارير مختلفة تقدمت بها الخبيرة المستقلة، قد حددت المشاكل وكيفية التغلب على التحديات التي أعاقت إحقاق حقوق الإنسان لكبار السن وتمتعهم بها بصورة تامة.
وفيما يتعلق بثغرات محددة تشوب حماية حقوق الإنسان لكبار السن، فإن التمييز القائم على السن لم يتم قياس آثاره بشكل كافٍ، الأمر الذي يجعل مكافحة مظاهره أمراً صعباً.
وهناك عائق آخر يتمثل في عدم وجود صك دولي مكرس يتناول حقوق الإنسان لكبار السن، فستوضح اتفاقية مخصصة حقوق الإنسان لكبار السن، وستساعد في تعريف مكونات التمييز القائم على السن في حق كبار السن.
اتفاقية شاملة
ودعا التقرير المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والأمم المتحدة وكبار السن أنفسهم أن يعملوا بالتعاون مع المجتمع المدني على بلورة واعتماد اتفاقية شاملة بشأن حقوق الإنسان لكبار السن، وأن يعملوا في الوقت نفسه على زيادة إدماج شواغل كبار السن في عمل الآليات القائمة.
وقدمت مجموعة الدول أيضاً قائمة غير حصرية بالمكونات والعناصر التي يمكن إدراجها في تلك الاتفاقية، وينبغي أن تتناول الاتفاقية مسألة التمييز على أساس السن وأشكال التمييز المتقاطعة والمضاعفة والحرمان من الحقوق بسبب التقدم في السن.
وقال إنه "يجب أن ترتكز حقوق الإنسان مع التقدم في السن إلى مبادئ الكرامة والمساواة وعدم التمييز والاعتماد على النفس والعيش المستقل والمشاركة الهادفة".
وينبغي أن يمكِّن الصك كبار السن من العيش المستقل ومن الاندماج التام والمشاركة في المجتمع حتى في الفضاء الرقمي ومن الحصول على خدمات الرعاية والدعم بكل تيسير وبسهولة.
وللتعلم مدى الحياة واكتساب المهارات دون تمييز أهمية حاسمة في الاعتماد على النفس والعيش المستقل، كما يجب أن يتاح لكبار السن أيضاً أن يعيشوا حياتهم دون التعرض لأي شكل من أشكال العنف والإيذاء والتمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة والاستغلال والإهمال.
وينبغي أن تولي عناية خاصة في الاتفاقية لحقوق كبار السن في الوصول إلى العدالة والحصول على السكن وفي حرمة الحياة الخاصة وفي بيئة نظيفة وصحية.
وقرر عدد من المشاركين أن وباء كورونا كشف عن حالات تمييز على أساس السن، وعن تحديات عديدة تعترض تمتع كبار السن بحقوق الإنسان.
وأوضح أنه أثناء وباء كورونا عانى كبار السن العزلة وصحة عقلية سيئة، وأثيرت أيضاً مسائل الإهمال والعنف والإيذاء بما فيه الإيذاء المالي في حق كبار السن، فقد حرم العديد من كبار السن من حريتهم وتعرضوا لسوء المعاملة في منازلهم أو في المؤسسات.
معوقات وتحديات
وسلط المشاركون الضوء على تعرض كبار السن للتمييز القائم على السن ولحالات عدم المساواة، فيما يتعلق بتمتعهم بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من قبيل التعليم والعمل ومستوى معيشة لائق والدخل والمعاشات والحصول على خدمات الرعاية الصحية وخدمات الرعاية على المدى الطويل.
ولاحظ ممثلو المجتمع المدني أن إقصاء مستخدمين أكبر سناً من فرص التدريب قد يكون نتيجة افتراضات نابعة من التمييز على أساس السن.
وأقر المشاركون بضرورة إحداث تغييرات نسقية على الصعيد الوطني لأجل جعل التعليم والتعلم مدى الحياة مع التقدم في السن في متناول كبار السن، وبكلفة يسيرة، ويحصل كبار السن أيضاً على دعم محدود في حالات الطوارئ، ولا تتسنى لهم المشاركة الكاملة والمجدية في عمليات صنع القرار، وكثيراً ما تكون هذه التحديات أسوأ بالنسبة للمجموعات التي تتعرض لأشكال متعددة ومتقاطعة مع التمييز بسبب نوع الجنس والميل الجنسي والإعاقة والانتماء العرقي وغير ذلك من الأسباب.
وفي هذا الشأن قد يساعد جمع وتحليل بيانات مصنفة ذات صلة في استهداف الأسباب الجذرية وراء التمييز القائم على السن والتمييز على أساس السن.
وقد شكلت اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الهمم تحولا فكرياً بالنسبة لهذه الفئة، بيد أن عائق التمييز القائم على السن أو التمييز على أساس السن وهو مبنى اجتماعي، يحول دون حصول كبار السن ذوي الإعاقة على حقوقهم.
ورحب المشاركون من المجتمع المدني باعتماد مجلس حقوق الإنسان أول قرار موضوعي في التاريخ بشأن التمييز القائم على السن والتمييز على أساس السن.
ورحبوا أيضا بتقارير الخبيرة المستقلة وبتقرير المفوض السامي بشأن القواعد المعمارية والالتزامات الناشئة بموجب القانون الدولي.
ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).
يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.